ماهية القانون الإداري
(القانون الإداري) مصطلح يتكون من كلمتين هما (القانون) و(الإدارة) [1]، فالقانون له معنيان: عام وخاص، حيث يُعرف القانون في المعنى العام أنه: مجموعة قواعد سلوك عامة مجردة تنظم العلاقات بين الأشخاص، وتقترن بالجزاء على من يخالفها توقعه السلطة العامة، ويُعرف بمعناه الخاص أنه: مجموعة معينة من القواعد التي تضعها السلطة التشـريعية في المجتمع لتنظيم أمر معين، أما كلمة (الإدارة) [2] فإنها: مجموعة من المنظمات تنفذ سياسة الدولة المتعلقة بتنظيم الحياة الاجتماعية [3]، وهو معناها العضوي، ونتيجة لاختلاف الفقهاء في تعريف القانون والإدارة فقد اختلفوا - أيضًا - في تعريف القانون الإداري، حيث أصبح له أكثر من مفهوم يختلف كل منها بحسب التصنيف (موسع أو مضيق) أو (عضوي أو وظيفي).
فالقانون الإداري بمعناه الموسع يشمل كل ما يتصل بتنظيم السلطات الإدارية في الدولة ويبين أنواعها واختصاصاتها، والأحكام التي تنظم نشاطها، التي تخضع لها في أموالها وفي علاقتها بالأفراد [4]، وقد نشأ هذا التعريف في ظل القضاء الموحد [5]، فيما يقصد بالقانون الإداري بمعناه المضيق: القواعد القانونية التي تحكم النشاط الإداري فحسب، وهي تختلف عن القواعد المنظمة لنشاط الأفراد [6]، وهذا المفهوم نشأ في ظل نظام القضاء المزدوج، الذي يعني وجود قضائيين مستقلين، الأول: يختص بالفصل في منازعات الإدارة، والثاني: يختص بالفصل في منازعات الأفراد [7].
ويُعرف القانون الإداري بمعناه العضوي/الشكلي أنه: مجموعة القواعد التي تحكم هيكل الجهاز الإداري للدولة، وهذا التعريف يتسع ليشمل كافة القواعد المنظمة للأجهزة الإدارية، سواء كانت تقوم بوظيفة إدارية أو لا، أما من حيث معناه الوظيفي أو الموضوعي فيُعرف القانون الإداري إنه: مجموعة القواعد التي تحكم نشاط الجهاز الإداري للدولة أي الوظيفة الإدارية للدولة، وهذا التعريف يتسع ليشمل القواعد المنظمة للوظيفة الإدارية كافة، سواء كان القائم بها جهاز إداري أم أحد أشخاص القانون الخاص [8].
ومن وجهة نظرنا أن القانون الإداري بمفهومه المضيق هو التعريف الأولى بالتأييد، وهو ما يأخذ به القـانون الإداري في اليمـن، حيث توجد أحكام تشـريعية خاصة بعلاقـات الإدارة، وفي الوقت ذاته توجد قوانين أخرى خاصة بعلاقات الأفراد في المجالات ذاتها، من ذلك أحكام العمل في الدولة ويقابلها أحكام العمل في القطاع الخاص.
التـشـريع: هو القواعد القانونية التي تضعها سلطة مختصة وفق إجراءات معينة، ويشمل الدستور والقوانين واللوائح والقرارات الإدارية.
العرف الإداري: هو ما جرت عليه السلطات الإدارية بصدد حالة معينة بالذات دون أن يكون لها سند أو أساس في النصوص التشريعية[10].
القضاء الإداري: هو مجموعة الأحكام القضائية الصادرة من المحاكم الإدارية، حيث قد يصل دور القاضي في الوقت الراهن إلى ابتداع وخلق القواعد القانونية عند عدم وجود النص وعدم القدرة على القياس، فيكون قضاء إنشائي [11]، إلا أنه في اليمن يُعد القضاء مصدر تبعي.
الفقه الإداري: هو الجهود العلمية التي يبذلها الفقهاء في دراسة وتحليل نصوص وأحكام القانون الإداري، إلا أن آراء الفقه لا تُعد مصدرًا رسميًا ولا يُنـشئ قواعـد قانونية، ولا تلزم المشـرع أو القاضي.
ومن وجهة نظرنا فإن هذه الصفة تُعد ميزة للقانون الإداري؛ لكونها تسمح بمرونة هذه القواعد وتطورها، ومن الصعوبة بمكان تقنين قواعد القانون الإداري؛ لأنها متناثرة في أكثر من قانون، ومواضيعها متعددة ومتنوعة وتنظم أكثر من جهة إدارية.