المركز التأسيسي/الدراسات/وضع الإدارة العامة القائم في مؤسسات الدولة اليمنية

وضع الإدارة العامة القائم في مؤسسات الدولة اليمنية

2024/12/02
أ.د/ مشعل الريفي

يستعرض هذا المبحث الوضع الإداري والمالي في مؤسسات الدولة بشكل عام، مركزًا بغرض الإيجاز والشمول على أبرز السمات والمشاكل والظواهر الإدارية والمالية الراهنة التي تشكل في مجملها اختلالات جدية في الإدارة العامة للدولة، وتتطلب بشكل عاجل وملح إعداد وتبني وتنفيذ استراتيجية ملائمة وفاعلة للإصلاح الإداري، ترقى بالجانب الإداري والمالي إلى المستوى اللازم لدور فعال وإيجابي للدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لليمنيين.

وإذ تتعدد المشاكل المالية والإدارية بتعدد مؤسسات الدولة بمختلف سلطاتها ومستوياتها التنفيذية، إلا أن جملة المشاكل تمثل سمة عامة لدى أغلب المؤسسات، ومن ثَمَّ تهيمن على أداء الجهاز الإداري للدولة، وهي ما سنركز عليها ومحاولة حصـرها في هذا المبحث... بهذا السياق، ويمكن تصوير الوضع القائم في مؤسسات الدولة على الصعيد الإداري والمالي في النقاط الرئيسة الآتية:

  • التضخم الوظيفي بأبعاده المختلفة.
  • أزمة المرتبات والأجور والقيود المفروضة على التوظيف الجديد.
  • اختلالات معايير التوظيف.
  • الفساد المالي ودور الأجهزة والوحدات الرقابية.

ويجدر الإشارة قبل تناول هذه النقاط بالوصف والتحليل إلى أنها تمثل مجموعة من المشاكل والاختلالات المترابطة التي تغذي وتقوي بعضها بعض.

‌أ- التضخم الوظيفي بأبعاده المختلفة:

يمكننا عرض مشكلة التضخم الوظيفي في مؤسسات الدولة في ثلاثة أبعاد:

  • شريحة الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية الموروثة منذ ما قبل 2015م، مع الأخذ بالاعتبار الجهود المبذولة سابقًا للتخفيف منها.
  • حجم الوظائف المستحدثة منذ 2015م من قبل الأطراف المتنازعة كافة في المصالح الحكومية المدنية.
  • حجم الوظائف المستحدثة منذ عام 2015م في قطاعي القوات المسلحة والأمن في خضم العدوان والحرب.

حيث تشكل الأبعاد الثلاثة عناصر التضخم الوظيفي القائم في اليمن في المدة الحالية، الذي يشكل تحديًا ماليًا واقتصاديًا، وضغطًا على الموارد المالية للدولة على محدوديتها وأولويات استخداماتها المرحلية.

وبالنسبة للإرث الذي خلفه الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية وما جرى إنجازه من معالجات، فيعتبر الملخص التنفيذي الصادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية - 23 سبتمبر 2019م - أن التضخم الوظيفي هو نتيجة تراكمية لعدة عقود من سوء إدارة سياسات التوظيف في القطاع العام فضلًا عن أشكال متعددة من الفساد الإداري.

وبالفعل وباعتراف الحكومات المتعاقبة، هناك ازدواج وظيفي ووظائف وهمية في كشوفات الأجور والمرتبات، الذي يمثل الباب الأول من الموازنة العامة، ويلتهم النسبة الأكبر من الإيرادات العامة للدولة. تنامت هذه الظاهرة منذ عام 1990م مع إعادة توحيد اليمن واستيعاب الجهازين الإداريين للدولتين الشطريتين، وهذا التوحيد شمل جزءًا من الازدواج والإضافات، تلى ذلك حالات الاستقطاب السياسي التي لحقت تثبيت الوحدة السياسية عسكريًا في عام 1994م، حيث استمرت بعدها سياسة الاستقطاب وشراء الولاءات السياسية والعسكرية والقبلية، وكان جزءًا من أدوات الشـراء هو استحداث وظائف وهمية جنبًا إلى جنب مع حالات متزايدة من الازدواج الوظيفي، وبدأ الحديث الرسمي والإعلامي والأكاديمي عن الازدواج الوظيفي منذ وقت مبكر وتحديدًا منذ العام 1998م، وأعلنت الحكومة في 2000م عن استراتيجية لإصلاح الخدمة المدنية تستند على قانون رقم 43 للسنة 2005م بشأن نظام الوظائف والأجور والمرتبات.

ورغم أن الاستراتيجية التي كانت تهدف إلى القضاء على الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية عن طريق نظام البصمة والبطاقة الوظيفية لم تحقق أهدافها، إلا أن التقارير المرتبطة بها والمنفذة لتقدير هذه المشكلة قدرت حجم الوظائف المزدوجة والوهمية بــــــ 41,014 وظيفة [1]، كما وصلت تقديرات رسمية للدولة في عام 2005م في لقاء رسمي لرئيس الجمهورية بوزارة الخدمة المدنية لهذه الظاهرة بـ 60 ألف وظيفة.

واستمرت ظاهرة الازدواج الوظيفي دون معالجة، وأخذت تتوسع في القطاع المدني والقطاع العسكري والأمني بوتيرة عالية، وهو ما شكل عبئًا متزايدًا على موارد الدولة المحدودة، باستمرار هذه الظاهرة وتوسعها إلى جانب استمرار التوظيف الجديد وبمعدلات عالية لا سيما في عام 2011م، باستيعاب الدولـة لـ 60 ألف موظـف جـديد؛ محاولة للتخفيف من الاحتجاجات النشطة التي سادت في تلك المدة واتسعت لتتحول إلى انتفاضة شعبية.

في عام 2013م أعلنت الحكومة عن تنفيذ برنامج جديد لإزالة الوظائف الوهمية، وفي عام 2014م شكلت الحكومة لجنة لإنهاء الازدواج الوظيفي في مؤسسات الدولة في إطار التزامها للمانحين بمحاربة الفساد، وفي إطار التقارير المصاحبة لذلك التدشين الحكومي الذي لم ينتج شيئًا، تصاعدت التقديرات للوظائف المزدوجة والوهمية من 60 ألف وظيفة وفق تقديرات عام 2005م إلى 350 ألف وظيفة مدنية وعسكرية[2].

وبعد شن دول التحالف عدوانها على اليمن تشكلت حكومتان، حكومة في صنعاء تقاوم العدوان، وحكومة في الرياض وعاصمتها عدن شكليًا موالية للتحالف، كان لكل حكومة تعامل مختلف مع ظاهرة الازدواج الوظيفي، ففي حين بادرت حكومة الإنقاذ في صنعاء إلى اتخاذ خطوات عملية جادة لإلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية ضـرورة ملحة تقتضيها المرحلة التي اتسمت بالحصار وانحسار وتراجع موارد الدولة وتزايد متطلبات ونفقات المجهود الحربي اللازم للتصدي للعدوان، إلا أن الحكومة الموالية للتحالف تلكأت في معالجة هذا الملف، ولم يكن من ضمن أولوياتها لعدة عوامل أولها ضعف سلطتها وغياب أي رؤية لها، وتحولها لمجرد أداة لتنفيذ قرارات وسياسات دول التحالف، ولحصولها على الموارد المالية اللازمة لنفقاتها المختلفة من المطبوعات النقدية الجديدة التي أصدرتها وعرضت قيمة العملة وأركان الاقتصاد إلى الانهيار جراء ذلك.

ابتداء من العام 2017م نفذت حكومة صنعاء عبر لجنة مشكلة من المجلس السياسي الأعلى والخدمة المدنية إجراءات عملية أفضت إلى إلغاء ما يقدر بـ 849 وظيفة مزدوجة ووهمية تنزيلًا نهائيًا وذلك للعام 1444هـ، كما نزلت الخدمة المدنية مرتبات لعدد 5,052 موظفًا لنفس العام بإجمالي 314 مليون ريال، كما نزَّلت الوزارة 950 مليون ريال لانتهاء مدة السماح وذلك للنصف الثاني من أبريل إلى النصف الثاني من يونيو 2018م، كما وردت الوزارة مرتبات لنصفي يوليو وأغسطس 2018م لعدد 2,730 موظفًا بقيمة تقارب 207 مليون ريال[3].

أنها شملت المصالح الحكومية المدنية التي تندرج تحت الصلاحيات الفعلية لإشراف الخدمة المدنية، ولم تصل للمؤسسات التي لا تمكن الخدمة المدنية من الإشراف عليها والحصول على بياناتها، وتمثل نسبة كبيرة من الجهاز الإداري للدولة، وعلى رأسها:

  • – المؤسسات الإيرادية المستقلة.
  • – الأجهزة الرقابية، كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العامة لمكافحة الفساد.
  • – أجهزة السلطة التشريعية متمثلة في جهازي مجلس النواب ومجلس الشورى.
  • – السلطة التنفيذية ممثلة بالبنك المركزي.
  • – القطاع الأمني بمختلف مرافقه ومؤسساته وأجهزته.
  • – القطاع العسكري بمختلف مؤسساته ووحداته.

أن تلك الإجراءات نفذت على المصالح الحكومية الخاضعة لإشراف الخدمة المدنية في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ ولم تصل إلى تلك المصالح التي توجد في مناطق سيطرة التحالف.

وفي إطار ذلك نستطيع القول: إن النسبة الأكبر من الازدواج الوظيفي ما زالت قائمة دون إلغاء، وما يؤكد هذا الاستنتاج هو أن الباحث لم يجد مراجع أو تقارير عن جهود عملية ذات قيمة للحكومة الموالية للتحالف في إلغاء ظاهرة الازدواج الوظيفي.

وما توصل إليه الباحث عبر المواقع الإخبارية هو صدور قرار متأخر في عام 2022م عن نائب ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي بتشكيل لجنة عليا للنظر في قوائم الموظفين المزدوجين في الجيش والأمن والقطاع المدني برئاسة وزير المالية وعضوية وزراء الشؤون القانونية والخدمة المدنية والدفاع والداخلية والعدل، ولم تتوارد أي أنباء عن أعمال هذه اللجنة، وتأسيسًا على ذلك يمكن القول بعدم وجود إجراءات على الواقع العملي للحكومة الموالية للتحالف لإنهاء الازدواج الوظيفي والعمالة الوهمية.

وفي البحث عن أسباب هذا الفشل في محاولات الحكومة لإلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية، على الرغم من الإعلان المتكرر عن البرامج والقرارات والقوانين والاستراتيجيات، وعلى الرغم من الدعم الدولي المتكرر لهذه الغاية، يمكننا القول: إن الأسباب الرئيسة التي تقف وراء هذا الفشل الحكومي هي ما يلي:

  1. غياب الإدارة السياسية الجادة في إلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية، وما الإعلان عن البرامج والاستراتيجيات سوى للاستهلاك الإعلامي وتلبية لضغوط واشتراطات المانحين للحصول على الدعم الذي يصرف نسبة منه في الإشراف والإدارة.
  2. أن نسبة كبيرة من هذا الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية كان نتيجة لسياسة كسب وشراء الولاءات واستقطاب مراكز القوى والنفوذ، ومن ثم عدم وجود رغبة سياسية حقيقية في إزالته.
  3. ارتباط الازدواج الوظيفي بمراكز القوى المستقطبة من السلطة حوله إلى شبكة مصالح متماسكة ومحمية من مراكز القوى، ويصعب في الواقع العملي التعرض لها وإلغائها بإجراءات إدارية غير محمية ومتبناه من السلطة.
  4. تفشـي ظاهرة الفساد وتحوله إلى ثقافة في الجهاز الإداري للدولة أضعف جميع أشكال الإصلاح الإداري بما في ذلك إلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية.

الجدير بالذكر أن مشكلة الازدواج الوظيفي لم تتوقف عند حد التركة المتراكمة من الوظائف المزدوجة والوهمية خلال المدة (1990 - 2015م)، بل إن ذلك الرصيد استمر في التزايد في المؤسسات والمصالح التابعة للحكومة الموالية للتحالف كما يشير أحد التقارير الصادرة إلى أنه جرى دمج كثير من الأفراد المدنيين الموالين للحكومة في القطاع العسكري رسميًا؛ وذلك لانتظام صرف رواتب العسكريين أكثر من المدنيين هناك، وهو ما يعني استمرار تضخم العسكريين على نطاق واسع عن طريق ما يمكن أن نطلق عليهم بالجنود الوهميين.

علاوة على ما سبق لا تقف ظاهرة الازدواج الوظيفي عند حد الرصيد المتراكم من الوظائف المزدوجة والوهمية المستمر الذي تجاوز العام 2015م في القطاع العسكري التابع للحكومة الموالية للتحالف كما أشرنا، بل إنه قد أخذ بعدًا إضافيًا جديدًا ترتب على الانقسام السياسي والحكومي الذي نشأ منذ 2015م، فقد تشكل ازدواجًا وظيفيًا في المناصب الحكومية والتشكيلات العسكرية والأمنية فصار للبلد حكومتان بدلًا من حكومة واحدة، خلقت ازدواجًا في الوزراء ووكلائهم والمحافظين ووكلائهم ورؤساء المؤسسات الخدمية والإنتاجية، كما فرخ التحالف تشكيلات عسكرية متعددة متصارعة مثل الميليشيات التابعة للانتقالي وما يسمى بالجيش الوطني، وهؤلاء يتلقون أجورهم ومرتباتهم كجزء من القطاع الوظيفي للدولة.

ومن ثَمَّ أصبح لدينا ازدواج وظيفي متوارث منذ عقود مضاف إليه ازدواج وظيفي أوسع وأكبر بكثير وهذا رهان جديد ناتج عن الانقسام السياسي الذي خلفه العدوان وسياسته، حيث يشير تقرير وزارة المالية للحكومة الموالية للتحالف إلى أن عدد العاملين في القطاع المدني يبلغ 694,896 فردًا، والقطاع العسكري والأمني 528,629 أي بإجمالي 1,223,525 موظفًا؛ وذلك في المصالح والمؤسسات والوحدات التي تقع في إطار سيطرة التحالف فقط، وهو رقم يعادل تقديرات موظفي الدولة في الجمهورية اليمنية كاملة لعام 2014م البالغ 1,253,087 موظفًا.

ويمكن القول: إنه لا يوجد في السجل الحكومي أي نقطة نجاح يمكن البناء عليها سوى جهود حكومة الإنقاذ التي دشنتها عام 2017م، واتسمت بالجدية رغم محدوديتها وعدم شمولها، إلا أنه يمكن البناء عليها في تطبيق أي مواجهه حكومية مستقبلية لهذه الظاهرة التي صارت أكثر اتساعًا وأشد تعقيدًا.

‌ب- أزمة المرتبات والأجور وقيود التوظيف الجديد:

من المعروف أن نسبة كبيرة من العاملين في مؤسسات الدولة لا يتلقون رواتبهم بانتظام منذ نهاية العام 2016م، ومنذ بداية العدوان واشتداد الحصار وتراجع الإيرادات كان صرف المرتبات يشكل تحديًا ماليًا على الحكومة وعلى البنك المركزي في صنعاء، في توفير السيولة النقدية الكافية لـصرفها على جميع مؤسسات الدولة في محافظات الجمهورية كافة، ورغم شحة السيولة وتراجع الإيرادات استطاع البنك المركزي أن يوفر السيولة اللازمة للصـرف المنتظم؛ حتى جاء إعلان الحكومة الموالية للتحالف في سبتمبر 2016م بنقل البنك المركزي إلى عدن فبدأ على إثر ذلك أزمة انقطاع صرف المرتبات تظهر على السطح.

على الرغم من أن إعلان نقل البنك المركزي إلى عدن تضمن صراحة أن أهم أهدافه هو ضمان انتظام صرف المرتبات والأجور لجميع موظفي مؤسسات الدولة والحفاظ على موارد الدولة -كما ادعى الاعلان - من النهب، إلى جانب هدف ثالث وهو الحفاظ على قيمة الريال اليمني وسعر صرفه مقابل العملات الأجنبية من الانهيار، إلا أن ما حصل هو النقيض لتلك الأهداف تمامًا.

حيث تخلت الحكومة الموالية للتحالف عن تلك الالتزامات المعلنة في قرار نقل البنك، فلا مرتبات صرفت، ولا جرى الحفاظ على سعر الـصرف من الانهيار، ولا على موارد الدولة الحقيقية، علاوة على الإصدارات النقدية الكبيرة التي حصلت؛ إذ تم توظيفها في الإنفاق العام على الخدمات العامة للدولة، ولم يكن ذلك القرار سوى وسيلة ومدخلًا لحرب اقتصادية تستهدف مقومات ودعائم الاقتصاد الوطني وعلى رأسها قيمة العملة الوطنية وتعطيل وظائف الدولة في المناطق غير الخاضعة للعدوان عبر قطع صرف المرتبات والأجور.

وجدت حكومة الإنقاذ نفسها في مواجهة تحدي أزمة المرتبات والأجور وتحت ضغط المطالبات بصـرفها من قبل مؤسسات الدولة الفاعلة على الأقل في مناطق سيطرتها، كانت المواجهة إعلامية عن طريق الحث على الصبر والصمود وتفويت الفرصة أمام مؤامرة العدوان الرامية لخلخلة الجبهة الداخلية وتعطيل الوظائف العامة للدولة، وعلى الرغم من أهمية الدور الإعلامي وبعض الاحتياطات الأمنية إلا أنها بمفردها لا تكفي، فبدأت الحكومة بالاتصال مع مقترحات نقابية مقدمة من بعض الجهات النقابية النشطة، حينها أثمر ذلك في تبني نظام البطائق السلعية الذي مكن قطاعًا عريضًا من موظفي الأجهزة الحكومية من الحصول على أجزاء من مرتباتهم الشهرية في صورة بطائق وكروت تموينية، يكون الحصول بموجبها على مشتريات سلعية من مراكز تجارية محددة في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات الأخرى، وقد كان لذلك الحل دور مهم في امتصاص الصدمات الأولى القوية لحرب المرتبات التي كان يرمي التحالف عن طريقها إلى فتح جبهة داخلية من العنف والفوضى والاحتجاجات.

في المقابل بدأت الحكومة الموالية للتحالف بصـرف مرتبات للمؤسسات التي تحت سيطرتها، ولكنها لم تنتظم في الصـرف رغم الحجم الهائل من الموارد والمطبوعات النقدية الجديدة التي تم إصدارها والاستحواذ عليها.

كما عمدت الحكومة الموالية للتحالف إلى صرف مرتبات لبعض المؤسسات في المناطق الخارجة عن سيطرتها والمنتقاة بعناية كالقضاة، وكانت الأهداف وراء الصـرف الانتقائي سياسية بامتياز، كما شمل الصـرف بعض العاملين في مؤسسات حكومية أخرى ذهبوا إلى عدن للمطالبة بالمرتبات وسجلوا استمارات تعدهم نازحين وهو شـرط لإدراجهم في كشف المرتبات، حتى ولو أن غالبيتهم عادوا إلى محافظاتهم وأعمالهم ولم يكونوا نازحين عمليًا على الإطلاق ولو حتى لأيام معدودة.

ألغت حكومة الإنقاذ نظام البطائق السلعية الناجح على إثر تقرير من اللجنة الاقتصادية يصف نظام البطائق السلعية بتهديد الأمن القومي ويشبهه بالربا؛ ليعيد الحكومة إلى نقطة البداية، وأمام تحدي حصار المرتبات والأجور بدأت وزارة المالية والبنك المركزي في صرف أنصاف رواتب غير منتظمة على أشهر ومُدد متباعدة في السنة، وهو ما فاقم من الوضع المعيـشي لغالبية العاملين في جهاز الدولة، في العام 2019م عقد البنك المركزي ورشة اقتصادية تعهد عن طريقها رئيس المجلس السياسي الأعلى بانتظام صرف نصف راتب كل ثلاثة أشهر قابلة للزيادة مع تحسن مستوى الإيرادات العامة، إلا أن هذا الوعد الحكومي لم ينفذ واستمر الصـرف لأنصاف الرواتب بشكل غير منتظم ومتباعد سنويًا.

لقد قاد التضخم الوظيفي المعروض تفاصيله في المبحث السابق إلى تضخم باب المرتبات والأجور ليشكل ضغطًا على الموارد المحدودة على الحكومة حتى قبل اندلاع الحرب على اليمن في 2015م وانقسام السلطة إلى حكومتين جراء ذلك، ومن ثم صار يمثل هذا البند من الإنفاق العام عقبة وعبئًا أكثر وأثقل مع اندلاع الحرب وتعطل مصادر إيرادية وانقسامها بين جهتين، وتراجعها جراء الحرب والحصار واستنزافها في الحرب والمواجهة العسكرية، مما دفع إلى انقطاعها وتنصل الجهتين عن واجب سدادها للموظفين. هذا التحدي الإنفاقي حجمه صار أكبر بكثير بالنظر إلى النمو والتضخم الوظيفي الإضافي الحاصل في مدة الحرب.

تشير التقديرات عن بلوغ المرتبات والأجور لموظفي الدولة إلى (1,140.5 مليار ريال) [4]، ورغم انقطاع المرتبات فإن تقديرات وزارة المالية في الحكومة التابعة للتحالف تقدر هذه الفاتورة للموظفين في نطاق سيطرتها لعام 2019م إلى قرابة 1,224 ترليون ريال [مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية 2019]، ما يؤكد حجم التضخم الوظيفي الإضافي الذي حصل لديها خلال سنوات الحرب من 2015م إلى 2019م فقط، وما زال مستمرًا حتى العام الجاري 2023م بالتأكيد.

ولو قدرنا حجم المديونية المتراكمة على الدولة تجاه موظفيها خلال سنوات انقطاع المرتبات والأجور وعدم انتظام صرفها فإنها بالتأكيد ستصل إلى أرقام فلكية كبيرة بالنظر إلى حجم الموارد العامة للدولة المحدود نسبيًا.

وبالنظر إلى آخر صرف أعلن عنه وتم تنفيذه عن طريق أنصاف الرواتب التي تصـرف من مدة لأخرى، وهو راتب شهر أغسطس 2018م فإن مديونية الدولة حتى الآن مرتبات وأجور خمس سنوات كاملة تصل إلى ما يقارب 6 تريليون ريال يمني (5,707.5 مليار ريال) هذا على افتراض ثبات ميزانية المرتبات والأجور وفق كشوفات 2014م، ولو أخذنا في الاعتبار ما يصـرف بانتظام من قبل الحكومة الموالية للتحالف التي لا توجد تقديرات واضحة لها ما عدا تقرير لوزارة المالية للعام 2018م يوضح أن المصـروف عام 2018م يعادل 46% من رواتب القطاع المدني [5]، وبافتراض تطابق النسبة على مستوى القطاع الحكومي رغم أنها نسبة مبالغ فيها نظرًا لوجود احتمالية أكبر أن الأرقام المسجلة للمرتبات المصـروفة تشمل مستخدمين جدد خارج كشف 2014م، إلا أننا سنثبت هذه النسبة لتشمل ما يصـرف بانتظام في بعض المرافق الحكومية على مستوى الجمهورية، وبناءً عليه فإن التقديرات الأدنى لحجم المديونية المتبقية سوف تبلغ حوالي 3 تريليونات ريال (3,079.35) مليار ريال، وليس من الواضح كيف سيكون معالجة هذه المديونية؟ فلا إجابات ولا تصـريحات ولا تصورات أو التزامات واضحة ومعلن عنها من قبل الحكومتين.

والجدير بالذكر ما تخلفه أزمة انقطاع المرتبات والأجور وعدم انتظام صرفها من آثار سلبية إدارية وسياسية ويمكن إيجازها على النحو الآتي:

  • تراجع مستوى خدمات عامة حيوية ومهمة للحاضر والمستقبل وعلى رأسها التعليم والصحة والأمن، حيث لمس المجتمع كيف تدهورت العملية التعليمية في المدارس الحكومية إلى مستوى يصعب عن طريقه بناء أي مهارات أساسية للطلاب؟
  • تراجع مستوى الأداء الإداري للعاملين، ومن ثم تدهور الخدمة العامة لمختلف مرافق الدولة وهو ما يؤثر سلبًا في معيشة المواطنين.
  • يكون من الصعب بناء بيئة عمل تتسم بالشفافية والنزاهة في ظل أزمة انقطاع المرتبات وتكون العديد من المؤسسات عرضة لمخاطر ارتفاع معدلات الفساد بمختلف أشكاله.

يشكل استمرار انقطاع المرتبات عامل احتقان شعبي يراهن عليه العدو بقوة لإضعاف وشق الجبهة الداخلية، ويواكبه العديد من الحملات الإعلامية الدعائية التي تحاول تصوير حكومة الإنقاذ والسلطة في صنعاء وكأنها المسؤولة عن استمرار انقطاع المرتبات ومعاناة الموظفين العموميين وأسرهم.

شكلت أزمة انقطاع المرتبات والأجور على موظفي الدولة - الذين يشكلون مع أسرهم نسبة ذات أهمية من السكان - عاملًا من عوامل الانكماش والتراجع الاقتصادي، فتراجع دخول هذه الفئة أسهم في تراجع الطلب الكلي على السلع والخدمات. هذا التراجع يؤدي باستمرار إلى تراجع مضاعف على المستوى الكلي إذا ما أخذنا في الاعتبار حجم فرص الإنتاج والدخل الضائعة جراء انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات الناجم عن انخفاض دخول هذه الشـريحة من السكان.

ولعمل تقدير سنوي للمدة كاملة لحجم الأثر الانكماشي المضاعف الذي يخلفه انقطاع مرتبات موظفي الدولة، يمكننا افتراض مضاعف إنفاق واقعي، فبناءً على تقديرات صندوق النقد العربي فإن أثر الإنفاق العام الواقعي قصير الأجل في ظل سيناريو تراجع إيرادات النفط ويبلغ (1.69) في الأجل القصير و(2.15) في الأجل الطويل[6].

ووفقًا لهذه التقديرات واستنادًا لقيمة مضاعفة الإنفاق فإن الأثر الانكماشي المضاعف قصير الأجل، أي خلال نفس السنة يبلغ حوالي (866,125) مليار ريال على مستوى الاقتصاد أي ما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014م، أما الأثر الانكماشي التراكمي والتجميعي للانخفاضات السنوية في المرتبات والأجور خلال مدة الأزمة (2017 – 2023م) فيبلغ (6,062,875) مليار ريال على أساس الأثر المضاعف قصير الأجل أي ما يعادل 65% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014م، و(7,713,125) مليار ريال على أساس الأثر المضاعف طويل الأجل أي ما يعادل 83% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014م.

تترك أزمة انقطاع المرتبات العاملين الحكوميين وأسرهم البالغ عددهم 1,253,087 في وضع اقتصادي غير آمن وحالة معيشية بائسة، واستنادًا إلى تقديرات معدل الإعالة فيمكن القول أن عدد 7,020,670 نسمة من سكان الجمهورية اليمنية، وهم الموظفون الحكوميون وأسرهم تحولوا إلى شريحة معدمة بلا دخل ثابت ومنتظم؛ الأمر الذي عرضهم لمختلف أشكال الحرمان والمعاناة والمخاطر المعيشية المحدقة، وأصبحوا غير قادرين على تأمين أساسيات العيش اللازمة حتى للبقاء على قيد الحياة، وبالنظر إلى معدلات الأجر المتدنية في القطاع الحكومي فإن أنصاف الرواتب المحدودة المصـروفة سنويًا لا تشكل ضمانًا لتلبية تلك الاحتياجات الأساسية على الإطلاق.

ونظرًا لتلك التداعيات فإن حلولًا عاجلة لمشكلة انقطاع المرتبات ينبغي أن يسعى إليها باهتمام وأولوية. إن أدوات الضغط العسكري يجب أن تستخدم في حال ما ظلت دول التحالف في إنهاء هذا الملف التفاوضي؛ وذلك كي لا يتحول إلى أداة للضغط الداخلي على حكومة الإنقاذ والسلطة في صنعاء، كما ينبغي أن ترتفع معدلات الصـرف خلال مدة التفاوض بقدر الإمكان عبر أنصاف المرتبات، سحبًا للبساط أمام استخدام أزمة المرتبات ورقة ضغط سياسية بيد تحالف العدوان والأطراف اليمنية الموالية له.

لقد دفعت أزمة المرتبات الحكومة اليمنية في صنعاء إلى اتخاذ قرار بوقف التوظيف، وجرى التعميم به لمختلف المرافق الحكومية بما في ذلك الوظائف التعاقدية، وهذا يعد أحد الآثار الإدارية السلبية لأزمة انقطاع المرتبات والأجور؛ إذ تواجه كثير من المؤسسات والمصالح حاجة ماسة لضخ دماء جديدة في مواردها البشـرية إما لتغطية عجز ناجم عن انقطاع موظفين أو متقاعدين أو وفيات. وتحجم العديد من المصالح عن أي إجراءات توظيف جديدة تاركة كثير من الوظائف شاغرة وعلى نحو يؤدي إلى تدهور أداء المصلحة وخدماتها العامة المقدمة للجمهور. ومن جهة أخرى تقدم عدد من المصالح الحكومية إلى عمل عقود داخلية مع عدد من الموظفين الجدد لتغطية احتياجاتها من الكادر الوظيفي، تاركة لسنين عديدة أمثال هؤلاء مجردين من أي حقوق وظيفية رسمية ودون أي التزامات مؤكدة بالتثبيت.

‌ج- اختلالات معايير التوظيف:

يتسم التوظيف في المصالح الحكومية العامة في اليمن بافتقاره لمعايير الكفاءة والأهلية والتخصص والقدرات التي تستمد من الوصف الوظيفي لكل وظيفة، ولعل كثيرًا من المصالح والوحدات الحكومية تفتقر إلى توصيف وظيفي مكتمل وحديث، الأمر الذي يصعب وضع المعايير الدقيقة والمناسبة للاختيار للوظيفة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا تستند كثير من قرارات التعيين في الوظيفة العامة لمعايير الاختيار الحديثة، ويكون استبدالها بمعايير أخرى غير مرتبطة بالأهلية والقدرات والتخصص.

ففي حين تأتي معايير المؤهل العلمي والخبرة العملية والمهارات العامة والصفات الشخصية وفي بعض الوظائف يؤخذ في الاعتبارات الصفات البدنية والجسمانية كأبرز معايير الاختيار للوظائف، كما تحدد القوانين واللوائح في الأجهزة الحكومية شروطًا للتوظيف تتفق إلى حد نسبي مع معايير التوظيف المشار إليها، ولكن لا تكون شاملة لجميعها في بعض القوانين، كما أنها تكون شروطًا أدنى من المستويات التي تتطلبها الوظيفة فعليًا من مستويات تعليمية ومهارات في بعضها الآخر من القوانين.

وعلى الرغم من أن وجود مثل تلك القوانين واللوائح المنظمة للتوظيف في المصالح الحكومية قد يكفل مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، إذا ما جرى تطبيقها والالتزام بها في عملية التوظيف، إلا أن عدم شمولية تلك القوانين واللوائح لمعايير التوظيف بشكل كامل، وكذلك تحديد بعضها لـشروط أدنى من المستويات العلمية والمهارات التي تتطلبها الوظائف، يجعل من التوظيف في المصالح الحكومية عملية عشوائية وغير دقيقة ولا تحقق الاختيار الأمثل لشاغلي الوظائف العامة، وهذا الأمر ينطبق على كافة المستويات الوظيفية في الهرم الإداري للدولة ومصالحها ووحداتها.

قد يؤدي ضعف جهاز التعليم والتدريب في اليمن دورًا في اختلال معايير التوظيف؛ لكون مخرجاته لا تواكب احتياجات العمل الإداري وتطوراته في العديد من المرافق والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة الخدمية والإنتاجية، إلا أن اختلال معايير التوظيف تجاوز هذا العامل لتشمل استبعاد مخرجات تعليمية مؤهلة وقادرة على ممارسة المهنة لصالح مرشحين آخرين أقل قدرة وتأهيلًا؛ بسبب الاعتماد الفعلي على معايير اختيار غير موضوعية تفتقر إلى المهنية ولا تتفق مع معايير الاختيار الصحيحة، بل إن ضعف بعض مخرجات جهاز التعليم قد جرى استثماره من قبل بعض شاغلي الوظيفة العامة، لا سيما ذات المستويات التنظيمية الأعلى في أحد غرضين أو في كليهما.

حيث يكون التشكيك بشكل مستمر وعلى نحو يشبه «البروبوجندا» في قدرات الخريجين وحاملي المؤهلات العلمية على النجاح في الواقع العملي، ويحاولون ترسيخ مفهوم غير سليم على أنه حقيقة ومسلمة، تتمثل في أن التطبيق العملي والحياة العملية يختلف تمامًا عن التنظير العلمي، متجاهلين استناد جميع شؤوننا إلى العلم؛ لكونه المصدر الوحيد والحقيقي للتطور البشـري وحل المشاكل المختلفة التي تواجه الإنسان في واقعه، ومتغافلين عن كون التعليم لا ينطوي فقط على تنمية المعارف النظرية بل يتعدى ذلك إلى بناء المهارات الذهنية والعملية والعامة.

والهدف من ذلك السعي الحثيث لدى هذه الشـريحة من الموظفين العموميين هو إما المحافظة على مراكزهم الوظيفية التي لا تتفق مع مؤهلاتهم العلمية وقدراتهم التخصصية أو لتبرير سياسات التوظيف لدى وحداتهم، التي لا تقوم فعليًا على معايير المؤهلات العلمية والتخصصية والقدرات والمهارات المهنية اللازمة أو للهدفين معًا.

وترتبط عمليات التوظيف والاختيار في الجهاز الإداري للدولة بالاعتبارات السياسية والحزبية وبحسب الولاءات ومراكز القوى في المجتمع وروابط القرابة الأسرية والعشائرية والمناطقية والعلاقات الشخصية والمحسوبية إلى جانب ارتباط عمليات توظيف بالرشوة وصفقات الفساد على نحو يشبه عملية الاتجار بالوظائف والدرجات الوظيفية الحكومية.

إن معايير التوظيف المختلة غير القائمة على الكفاءة والجدارة والمهارات التخصصية والشخصية، كذلك قد أدت ومازالت تؤدي دورًا كبيرًا في تراجع مستوى الأداء في المرافق والمصالح الحكومية وفي تراجع مستوى وجودة الخدمات العامة التي تقدمها الدولة على أهميتها الحيوية والاستراتيجية، وهو ما يخلق آثارًا خطيرة سياسيًا وأمنيًا وتنمويًا، فإلى جانب ما يولده ذلك من استمرار لحالة عدم الرضى الشعبي وما لها من تداعيات على المستوى السياسي والقومي فإن هذا المستوى الضعيف للدور الحكومي يسهم بقوة في تدني مؤشرات التنمية البشـرية وبيئة الأعمال، التي في حقيقتها تعكس استمرارًا لعوامل التراجع الاقتصادي واعاقة أي فرص لتحقيق قفزات تنموية في الاقتصاد.

‌د- الفساد المالي والأجهزة والوحدات الرقابية:

ظاهرة الفساد متجذرة في عديد من مؤسسات الدولة وهو عرضة للتناول الشعبي والإعلامي، كما أن القيادات الحكومية وعلى أعلى المستويات منذ قيام الجمهورية اليمنية يقرون بتفشيه في كثير من مقابلاتهم وخطاباتهم وتصريحاتهم.

والحقيقة أنه وبالرغم من وجود المؤسسات الرقابية داخل الجهات الإدارية للدولة، ورغم عمل البرلمان المستمر ورغم وجود عدد من التـشريعات المعدة لمحاكمة الفساد، إلا أن كل ذلك لم يؤد دورًا ذا أهمية في محاصرة الفساد المالي أو الحد منه.

وإلى جانب تناول الرأي العام والخطاب السياسي والإعلامي لظاهرة تفـشي الفساد المالي تأتي العديد من التقارير والدراسات المحلية والدولية التي تؤكد وتوضح حجم هذه المشكلة وجذورها وآثارها، وحيث لا يتسع المقام لاستعراضها أو استعراض أغلبها، إلا أنه من الممكن استعراض عدد من تلك التقارير التي توفرت في محركات البحث على الشبة العنكبوتية على سبيل ذكر أمثلة لا على سبيل الحصر في سياق هذا التناول لموضوع الفساد في اليمن.

وفي ورقة أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كانت الإشارة إلى أن الفساد أو إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة، يرى بعمق في الاقتصاد السياسي اليمني على مدى عقود شهد اليمن عدة حالات استحواذ على مقدرات الدولة [7]، كما يؤكد تقرير وكالة الشفافية الدولية للعام 2022م أن البلدان التي تعاني من النزاعات في منطقة الـشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي التي تعاني أسوأ الدرجات في تقرير الشفافية، حيث حصل اليمن على 16 درجة من مائة ويأتي بترتيب 176 من 180، وهذا يعني اعتباره أحد أعلى خمس دول في العلم فسادًا، مع فنزويلا وجنوب السودان وسوريا والصومال [8].

هذا الموقع المتدني لليمن في تقرير مدركات الفساد ليس وليد المدة الحالية، وإنما ظل تصنيف اليمن منذ مدة طويلة سبقت مدة الحرب كبلد شديد الفساد على مؤشر مدركات الفساد الذي تنتجه منظمات الشفافية الدولية المناهضة للفساد وظل مستمرًا في نموه[9].

ويرتبط الفساد في اليمن ببؤر رئيسة تمثل منابعه ومصادره وعوامله التي يتغذى عليها وينمو ويتجذر، ويمكن تلخيصها في الآتي كبؤر للفساد منذ ولادة الجمهورية اليمنية حتى الآن:

  1. – عائدات إنتاج وتصدير النفط.
  2. – الدعم الأجنبي.
  3. – الإنفاق العسكري والأمني.
  4. – أنشطة البيوت التجارية وعلاقتها بالسلطة.
  5. – الجهاز المصرفي.
  6. – أراضي وعقارات الدولة.
  7. – الضرائب والجمارك والزكاة والأوقاف (الموارد السيادية).
  8. – المرتبات والأجور وما في حكمها.
  9. – الوظائف الإشرافية والتنظيمية للدولة.
  10. – المؤسسات العامة الإنتاجية.

فقد شكلت عائدات النفط والغاز مصدر إثراء غير مشـروع للنخب الحاكمة على مدى عقود، حيث عقدت صفقات مجحفة في نصيب اليمن مع الشركات الأجنبية المستخرجة للنفط والغاز، وهذه الصفقات كانت ولا شك لها ثمنها في ظل غياب الشفافية والمسائلة، كما شكلت عائدات النفط والغاز موردًا مهما لتقوية السلطة وزيادة ثراء قياداتها وسيطرتهم، وتمكنت بواسطتها من شراء الولاءات من القوى النافذة في المجتمع والقبيلة والأمن والجيش، كما مثلت شركة النفط اليمنية التي احتكرت استيراد وتوزيع المشتقات النفطية مصدرًا للفساد والإثراء غير المشـروع، وعن طريقها وعبر المشغلين الرئيسين اللذين انتدبت الشـركة لهما امتيازاتها الحصـرية، تشكلت شبكة وثيقة للفساد تستحوذ على تدفقات وعائدات أهم مصدر من مصادر الثروة والدخل في البلاد[10].

ومازال هذا القطاع تحت سيطرة دول العدوان من حيث حقول استخراج النفط والغاز، كما أن استيراد وتوزيع النفط مازال يشوبه الكثير من الاختلالات وعدم الشفافية، رغم التحسن الطفيف في أداء الشـركة اليمنية للنفط في المدة الأخيرة إلا أن البلاد تتعرض من مدة لأخرى لانتشار السوق السوداء عند الأزمات وتباع المحروقات بأسعار خيالية في غياب أي دور تنظيمي للحكومة يخفف من الممارسات الاحتكارية المبالغ فيها التي تكون في المحطات أو في الأرصفة والشوارع بكثافة أثناء الأزمات.

كذلك كان الدعم الأجنبي مصدرًا للفساد لا يقل أهمية عن قطاع النفط والغاز، فتجربة اليمن مع الدعم الأجنبي هي من أفشل التجارب العالمية للدعم الخارجي، فقد ظل الدعم الأجنبي موجهًا لمصالح الدول المانحة ونفوذها وترسيخ وتوطيد سلطة الحكومة الموالية والتابعة لها، فظل الدعم الخارجي موجهًا في مجمله لأغراض استهلاكية وخدمية ودعمًا لإجراءات إصلاح مؤسسية شكلية. لقد كان الدعم الخارجي يوجه للحكومة في معظمه أي دعمًا رسميًا رغم مؤشرات الفساد العالية التي تنـشر دوليًا، وهو ما مثل رافدًا لمراكز النفوذ وشبكة الفساد في اليمن، بل إن الدعم الخارجي أخذ أبعادا خطيرة في اليمن وهو ذلك الممنوح من دول بعينها لشـراء الولاءات ولأغراض التفوق في التنافس الإقليمي للسيطرة على اليمن. وهذا النوع من الدعم تخطى القيادات السياسية ليتغلغل ويصل إلى مراكز النفوذ والقوى العسكرية والقبلية والاجتماعية، فتكون عن طريق هذا النوع من الدعم أذرعًا متينة للدول المانحة داخل البلد وصارت متمسكة عن طريقها باتجاهات الحياة السياسية ومسيطرة إلى حد كبير على القرار السياسي وعلى مختلف المستويات.

بل إنه تحول إلى ممول للصـراعات وعدم الاستقرار داخل اليمن كلما تطلب الأمر واقتـضى ذلك، وهو ما شكل في نهاية الأمر شبكة من المصالح تدفع نحو استدامة الصـراعات والحروب وعدم الاستقرار استجلابًا لمزيد من الدعم.

ومن ثَمَّ يمكن القول: إن الدعم الخارجي قد منع من بناء دولة ذات سيادة، وكان من أقبح صور الدعم الأجنبي المقدمة على مستوى دول العالم، حيث كان من أهم أدوات هدم مقومات تماسك الدولة وأهم مصادر إذكاء الصـراعات، وتمكنت الدول المتدخلة في اليمن عن طريقه تحويل اليمن إلى «كنتونات» ومراكز قوى تعتمد في قوتها وبقائها على الدعم الخارجي وعن طريقه تخدم الأهداف الاستعمارية لتلك الدول المانحة.

ولعل ما وصل إليه الحال من تشظٍّ وتشكل لقوى متصارعة ممولة من دول عدوان التحالف تخدم أجندتها في إحكام السيطرة على ما تمكنت من الوصول إليه من مناطق الثروة والسواحل والموانئ والجزر الاستراتيجية هو من أبرز الحالات الكارثية لهذا الدعم الأجنبي المشبوه والمدمر، الذي تحولت مراكز الفساد عن طريقه إلى مجموعات أجيرة تمارس الهدم والتخريب وتفكيك النسيج الوطني خدمة لأطماع الدول الممولة له.

لقد كان الإنفاق العسكري أحد مصادر النهب للمال العام وكانت نسبة كبيرة منه لتلتهم الموارد العامة للدولة ليس لبناء جيش وطني قوي أو لتطوير الآلة العسكرية ولا لمجالات التصنيع العسكري والبحث العلمي في الجوانب العسكرية ولا لاستمرار الجاهزية القتالية لأفراد المؤسسة العسكرية، بل كان يتحول إلى جيوب شبكة مصالح من القيادات العسكرية، وكانت صفقات السلاح المشبوهة والاستحواذ على اعتمادات التموين والإمداد ونهب المخصصات المالية واعتمادات الرواتب الوهمية ورواتب المنقطعين وغيرهم أهم وأبرز مصادر الفساد في المؤسسة العسكرية والأمنية.

ولم يقتصـر الفساد المرتبط بالجانب العسكري عند هذا الحد، بل تجاوز ذاك إلى أن تصل أيادي النافذين العسكريين إلى التحكم والاستحواذ على الأراضي وعلى حصص من عوائد العديد من الأنشطة الاستثمارية والتجارية عبر استغلال القوة والنفوذ، وتحولت المؤسسة العسكرية عن طريق هذه القوى إلى مؤسسة تحمي شبكة الفساد وتقويتها وتسهر على مصالحها، ومازال هذا الفساد قائمًا ومثبتًا في التقارير والمساجلات الإعلامية لدى التشكيلات العسكرية الموالية لدول التحالف.

هذا الفساد الذي يكون برعاية دول التحالف في التشكيلات العسكريـة هو عنـصر مهـم من عناصر الفساد في اقتصاد الحرب المتشكل في اليمن طريق مدة الحرب على اليمن، ولعل ذلك يمثل عاملًا مهمًا من العوامل التي تدفع لاستمرار حالة الحرب أو الانقسام واللا سلم على أقل تقدير، فبحسب أحد التقارير الحديثة تتوسع أشكال فساد المؤسسة العسكرية في الطرف الموالي للتحالف إلى قيام قادة عسكريين في الجيش الموالي للتحالف ببيع الأسلحة والمعدات العسكرية التابعة لهذا الجيش، كما يشير التقرير إلى تورط نقاط التفتيش العسكرية في الطرقات والمعابر البرية في مرور سلع غير مشـروعة ومهربة مقابل المال كما تحصّل رسوم وإتاوات غير قانونية على مرور البضائع المستوردة بشكل رسمي كذلك[11].

هذا بالطبع علاوة على ما سبقت الإشارة إليه من تضخيم ميزانية المرتبات عبر إدراج أسماء غير عسكرية (مدنية) ووهمية في كشف مرتبات وأجور العسكريين هناك، وهو الأمر الذي يمكن القادة العسكريين من الاستحواذ عليها، وكذلك ضمان مكافآت مالية أكبر ومعدات عسكرية أكثر ووفقًا للحجم الوهمي الكبير لمنتسبي وحداتهم وتشكيلاتهم العسكرية التي يقودونها.

من جانب آخر لقد شكل جزء كبير من أنشطة البيوت التجارية الرئيسة في اليمن نوعًا من مظاهر فساد الدولة حيث إنَّه كان ولايزال شكلًا من أشكال غسل الأموال، حيث تغسل السلطة الأموال العامة المنهوبة وتوظفها وتستثمرها عبر شراكات خفية وظاهرة مع مؤسسات الأعمال والتجارة الأقوى والأكبر في اليمن، ولضمان روابط متينة مع مراكز التجارة في اليمن سعت السلطة في العقود الماضية إلى خلق شبكة محسوبية تعدت المصالح المشتركة إلى خلق روابط القرابة والمصاهرة.

لقد ضمنت تلك الروابط والتداخلات بين السلطة السياسية والقوى الاقتصادية المحلية على تزايد الميول الاحتكارية في الاقتصاد اليمني وتركز الثروة في أيدي أقلية تحكم السلطة والاقتصاد معًا وصارت أسر وشخصيات محدودة بعدد الأصابع تستحوذ على معظم أنشطة التجارة والاستيراد والمصارف والاتصالات والنقل[12].

لقد مثل الجهاز المصـرفي أداة لحشد الموارد والإمكانات لتعزيز مراكز النفوذ الاقتصادية المرتبطة بسلطة الفساد، ونشأت مصارف تابعة للحكومة وتدار لمصلحة القيادات السياسية الفاسدة ومصارف تابعة لبيوت ومراكز التجارة الاحتكارية المرتبطة بالسلطة ومصارف أخرى تابعة لقوى سياسية نافذة تشارك الحكومة النفوذ ومغانمه الاقتصادية، بل وأنشئت مصارف تسمى مصارف إسلامية، لكن جميع تلك المصارف المحلية التي نشئت كانت عبارة عن نوافذ لحشد مدخرات وموارد الجمهور لصالح كبار المستثمرين وشركائهم في السلطة الحاكمة أو مؤسسات تمول عن طريقها أنشطتهم وتودع فيها الفوائض النقدية المكتسبة عن طريق منظومة الفساد.

ولم تمارس تلك البنوك أي دور يذكر في منح التمويل والتسهيلات الائتمانية لفئة المستثمرين من عامة الشعب والطبقة الوسطى والفقيرة والشباب وأصحاب الرؤى والطموحات الاستثمارية الناجحة، كما تعمل المصارف والأجهزة المصرفية في معظم دول العالم.

حيث حجبت الأموال عن هذه الفئات وفرضت البنوك فوائد مبالغًا فيها تقضـي عن طريقها على فرص الربحية للمستثمرين طالبي التمويل، ومقابل ذلك كرست الأموال والودائع في غرضين في تمويل الأنشطة التجارية والاستثمارات لشبكة المراكز التجارية المرتبطة بالسلطة وفي شراء أذون الخزانة لتمويل منظومة الفساد المالي المتجذرة في مفاصل الجهاز الإداري للدولة ومؤسساتها ومصالحها الحكومية المختلفة، كل ذلك تحقق في ظل ضعف الدور الرقابي للبنك المركزي اليمني على البنوك التجارية.

لم تكن أراضي الدولة وعقاراتها بعيدة عن صفقات الاتجار المشبوهة بيعًا وتأجيرًا وبسطًا، ولقد تعرضت ومازالت تتعرض الكثير من أراضي الدولة لمحاولات الاستيلاء بمختلف الطرق، ويكون توظيف كل الإمكانات للاستحواذ عليها عبر التشكيلات المسلحة وعبر مسميات الجمعيات وعبر استغلال الكثير من الثغرات القانونية والقضائية.

ورغم الإصلاحات التي تمت في تحصيل الضـرائب والجمارك والزكاة والأوقاف في المدة الأخيرة فقد كان هذا القطاع مصدرًا من مصادر الفساد القوية، وكان التهريب والتلاعب الضـريبي يشكل نسبة كبيرة من المال العام المهدر وغير المحصل لأغراضه العامة، وتشكل في ذلك التهرب الضـريبي وضعف التحصيل منظومة مصالح فاسدة تشترك في عملية الهدر والنهب لهذه الموارد السيادية العامة، حيث كان هذا التهرب الضـريبي قسمة بين القائمين على التحصيل وقيادتهم الإدارية وبين المكلفين الذين يدفعون الرشاوى لهم لإعفائهم من الأعباء الضـريبية الفعلية والحقيقية.

وقد جرت الإشارة سابقًا إلى ارتباط تضخيم كشف الراتب ومشكلة الوظائف المزدوجة والوهمية بمنظومة الفساد النافذة في البلاد، وهو ما صعب من القضاء عليها ومعالجتها طول المدة الطويلة الماضية، وقد سبق تناول هذا الموضوع بالتفصيل - سابقًا - أن جزءًا من الفساد في الدولة اليمنية يكمن في ممارسة مستخدمين عموميين فاسدين لسلطتهم وأدوارهم التنظيمية ولصلاحيتهم في الإثراء غير المشـروع وابتزاز المواطنين، وهذا يكون على مستوى مختلف الأطر الحكومية وصولًا إلى المكاتب التنفيذية بالسلطة المحلية في مختلف محافظات الجمهورية، مثل تصاريح البناء والاستثمار وغيرها، وهذا النوع من الفساد نوع ظاهر وفج وله تأثيراته وتداعياته على المستوى السياسي والاقتصادي ولا يجب التغافل عنه أو الاستهانة بآثاره.

لقد مثلت المؤسسات الإنتاجية العامة مصدرًا للفساد والإثراء غير المشـروع ومازالت تمثل بؤرة من بؤر الفساد، ويجري تولية المقربين والمواليين للقيادات الحاكمة على تلك المؤسسات، كالخطوط الجوية اليمنية وشركة التبغ والكبريت والمؤسسة الاقتصادية والمؤسسة العامة للكهرباء والمؤسسة العامة للاتصالات وغيرها من الهيئات والمؤسسات العامة الإيرادية، وأن الحد من الفساد في هذه المؤسسات يتطلب اختيار إدارات نزيهة لها تتولى مسؤولية تطويرها واستثمار مواردها في تحسين تقديم الخدمات والمنتجات العامة وفي تحقيق وتعظيم مواردها العامة واستدامتها.

لقد اتضح عن طريق العرض السابق الآثار المدمرة للفساد ومالاته الخطيرة والكارثية، فلا يقتصـر أثره على جعل بيئة الأعمال غير موائمة وهروب رأس المال وتراجع معدلات الأداء الاقتصادي فحسب، بل يتعدى ذلك إلى ضرب مقومات الدولة واستقرار المجتمع وتمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك الجبهة الداخلية ونشوب الصـراعات والحروب وفتح الباب للتدخل الأجنبي المشبوه وبسط نفوذه على مقدرات الدولة بعد أن يكون الفساد قد أجهز على مقومات المناعة والتصدي حولها البلاد إلى لقمة سائغة للطامعين من الخارج، وستكون مواجهة الفساد على المدى القصير والمتوسط التحدي الأكبر والمعركة الأخطر بعد تجاوز معركة الوطن ضد العدوان الخارجي، وتتطلب استراتيجية محكمة ومتعددة الأبعاد من تشـريعات وإعلام وتدابير أمنية وإجراءات قضائية وإصلاحات إدارية وتطوير في الأنظمة المالية وأتمتة محكمة خالية من الثغرات للأعمال الحكومية وتعزيز لإجراءات الشفافية وإصلاح ودعم وتفعيل للأجهزة الرقابية.

إخفاء المراجع

المراجع

  • د. ثابت، عادل 2022.
  • العربي الجديد 2015.
  • وزارة الخدمة اليمنية 1444هـ.
  • البشيري، منصور: الإجراءات الاقتصادية لبناء الثقة- رواتب موظفي الخدمة المدنية، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، صنعاء، 2019.
  • تضخم يفوق القدرات المالي- الحاجة إلى إصلاح نفقات رواتب القطاع العام، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، الإصدار رقم 16، 2019.
  • Gbohoui William. (2021) ، ‘Uncertainty and Public Investment Multipliers: The Role of Economic Confidence’، International Monetary Fund Publications. & El Mostafa Bentour (2020)، ‘Government Expenditure Multipliers under Oil Price Swings’، Arab Monetary Fund، UAE.
  • تضخم يفوق القدرات المالي- الحاجة إلى إصلاح نفقات رواتب القطاع العام، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مرجع سابق.
  • مؤشر مدركات الفساد 2023: منظمة الشفافية العالمية، ألمانيا- برلين، 2023، ص2.. متاح على الرابط: https://2u.pw/LlGB1CN
  • فريق مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: بعيداً عن نهج استمرار العمل كالمعتاد: مكافحة الفساد في اليمن، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 2023، ص18.
  • هيل، جيني وآخرون: تقرير بعنوان: اليمن- الفساد وهروب رأس المال والأسباب العالمية للصراع، ترجمة: عبر عرب ترنس، تشاتام هاوس- المعهد الملكي للشؤون الدّولية، لندن، 2013، ص74.
  • فريق مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: بعيداً عن نهج استمرار العمل كالمعتاد....، مرجع سابق، ص22.
  • هيل جيني وآخرون، مرجع سابق.

إخفاء المراجع

المراجع