المركز التأسيسي/الدراسات/البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اليمن

البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اليمن

2023/10/28
أ.م.د/ أحمد عبد الله صالح الشلبي

لا يمكن الحديث عن تجربة اليمن في تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية دون التطرق إلى البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ لما له من دور كبير في نجاح أو فشل تنفيذ مشـروع الحكومة الإلكترونية.

سعت الجمهورية اليمنية كغيرها من الدول الأقل نموًا إلى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات لاستدامة مسيرة التنمية فيها.

اهتمت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والمؤسسة العامة للاتصالات بتنمية قطاع الاتصالات، حيث شهد هذا القطاع تطورات عديدة على مر السنوات، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الواقع يؤكد أن اليمن يقع ضمن البلدان قليلة الاستفادة من خدمات الاتصالات نتيجة عدة عوامل أهمها (وزارة التخطيط والتعاون الدولي، 2006):

  • – صعوبة التضاريس الطبيعية للبلاد.
  • – تشتت التجمعات السكانية وانخفاض كثافتها.
  • – ضعف مستوى خدمات البنية التحتية.
  • – تدني مستوى شبكات التوزيع.

يضاف إلى ذلك حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد الذي أدى إلى وقف تطور قطاع الاتصالات في اليمن، وكذلك تضـرره بشكل عام، وبحسب التقرير السنوي للاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2020 (الاتحاد الدولي للاتصالات, 2020)، يحتل اليمن المرتبة 175 من أصل 176 دولة في مؤشر تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهذه المرتبة متدنية جدًا مقارنة بدول الإقليم والعالم.

وعلى الرغم من استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي في اليمن منذ العام 2015م، إلا أن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بذلت جهودًا حثيثة للحفاظ على استمرار عمل قطاع الاتصالات، وكذلك عملت على صيانة العديد من الأضرار.

أ‌- الشراكة بين القطاعين العام والخاص:

الشـراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضرورية لتحسين البنية التحتية وزيادة الوصول إلى الخدمات وتعزيز التنافسية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي اليمن يواجه قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تحديات كبيرة نتيجة للأزمة السياسية والأمنية والإنسانية التي تشهدها البلاد منذ عام 2011.

حقق القطاعان العام والخاص مشاركة فعلية في قطاع الاتصالات منذ مدة طويلة في مجال الاتصالات اللاسلكية بتقنية GSM، والآن تتنافس عدة شركات في السوق اليمنية كما هو موضح:

أما بالنسبة لخدمات تزويد خدمات الإنترنت، فرغم صدور قرار مجلس الوزراء رقم 16 لسنة 2000م بمنح تراخيص لمزودي خدمة الإنترنت، إلا أن القرار لم يطبق حتى الآن، حيث إنَّ الخدمة حكر على المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية التابعة لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد نتج عن الاحتكار الحكومي إلى احتكار القطاع الحكومي - أيضًا - للخدمات المصاحبة، كخدمات الاستضافة وتأجير السيرفرات والخدمات السحابية المختلفة وحسابات الإيميل وغيرها، وقد أدى هذا الاحتكار الحكومي إلى غياب المنافسة، ومن ثَمَّ بطء تطور خدمات تزويد الإنترنت والخدمات المصاحبة لها في اليمن، ويمكن ملاحظة تدني مستوى هذه الخدمات، وكذلك ارتفاع أسعارها مقارنة بالشـركات المنافسة إقليميا ودوليًا، ويثير بعضهم أن هذا الاحتكار مهم لدواعي أمنية، وهذا الادعاء خالي من الصحة، حيث إنَّها نفس الدواعي الأمنية لقطاع الاتصالات للشـركات الخلوية الذي جرى إيجاد الحلول المناسبة له، ويرجح الباحث أن الأرباح التي يجنيها هذا القطاع عالية خاصة في وضع الاحتكار مما يشكل موردًا مهما لخزينة الدولة، وبالمقابل فالخسائر نتيجة هذا الاحتكار فادحة على المستوى الوطني من ناحية ارتفاع أسعار خدمات الإنترنت على المواطـنين والشـركات، وكذلك تأخير نمو هذا القطـاع الحيوي والمهم وتأثيرات ذلك في تأخير تطور البلاد في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كنتيجة حتمية.

لذلك تحتاج الحكومة اليمنية إلى إشراك القطاع الخاص في جهود إعادة بناء وتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن طريق تبني سياسات وإطارات قانونية وتنظيمية تشجع على الاستثمار والابتكار والشفافية، كما تحتاج إلى تحسين التعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية المانحة للحصول على التمويل والدعم التقني والخبرات.

الهاتف الثابت:

كما هو موضح في جدول 8 فإن نسبة الاشتراكات النشطة للهاتف الثابت إلى إجمالي عدد السكان للعام 2021 بلغت 2.20%، وهذه نسبة ضئيلة جدًا، ويعمل الهاتف الثابت في اليمن بالتقنيات الآتية (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2021):

  1. PSTN (الشبكة النحاسية TDM) وتمثل نسبة 77.85% من الاشتراكات
  2. NGN (الشبكة النحاسية NGN) وتمثل نسبة 18.90% من الاشتراكات
  3. لاسلكي ثابت (الريف) ويمثل نسبة 3.23% من الاشتراكات

الهاتف الخلوي:

شهدت اليمن تطورًا مستمرًا لخدمات الهاتف الخلوي، حيث كان عدد مشتركي الهاتف الخلوي في عام 2004م 1.483 مليون مشترك، وفي عام 2021 وصل عدد مشتركي الهاتف الخلوي إلى 17.756 مليون مشترك، وترجع الزيادة الكبيرة في عدد المشتركين في خدمات الهاتف الخلوي إلى التطورات التكنولوجية الكبيرة التي شهدتها صناعة الهواتف المحمولة خلال الأعوام الماضية، وما رافق ذلك من تطور كبير في صناعة البرمجيات المحمولة، وكذلك ظهور وتطور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت لها شعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، كما أن التنافس الكبير الذي شهده القطاع الخاص والعام في هذا المجال في اليمن، حيث أدى ذلك إلى توسيع نطاق التغطية لتشمل جميع المحافظات والكثير من المناطق الريفية، ومع ذلك فإن نسبة مستخدمي الهاتف المحمول إلى إجمالي عدد السكان في اليمن هو 53.57% وهي نسبة متدنية.

كما تجدر الإشارة أن العام 2022 شهد إدخال خدمة 4G لشـركات الهاتف النقال العاملة في اليمن، ومن المؤكد أن هذه الخدمة سيكون لها أثر إيجابي في تطور قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في اليمن، ومن ثَمَّ زيادة الطلب من قبل الجمهور. جدول 3 يوضح مؤشرات الهاتف الخلوي في الجمهورية اليمنية.

خدمات الإنترنت:

يبلغ معدل انتشار خدمة الإنترنت في اليمن 31.29% فقط (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2021)، وهو أقل من المتوسط الإقليمي والعالمي. والمزود الوحيد والمحتكر لخدمة الإنترنت في اليمن هي المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية التابعة لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث تقدم الخدمة عن طريق الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تليمن" المملوكة للمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية (البيع لكبار العملاء)، مثل شركات الاتصالات الخلوية، وكذلك تقدم المؤسسة خدمات الإنترنت بتقنياتها المختلفة عن طريق "البوابة اليمنية للإنترنت - يمن نت" (البيع بالتجزئة). لا تمارس الحكومة اليمنية الحظر العام على استخدام شبكة الإنترنت، في حين تمارس حظر الوصول إلى عدد من المواقع الخارجية ذات الأضرار الاجتماعية، كما تمارس حظر الوصول إلى عدد من المواقع ذات البعد السياسي نتيجة الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها اليمن منذ عام 2015م.

في عام 2021م زاد نصيب مستخدم الإنترنت من السعة الدولية إلى 30.0 كيلو بت في الثانية الواحدة بزيادة مقدارها الضعف تقريبًا عن العام السابق وذلك نتيجة لزيادة نوعية في سعة النطاق الدولي من 130 جيجا بت في الثانية إلى 250 جيجا بت في الثانية (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2021). جدول 4 يوضح مؤشرات الإنترنت في اليمن.

ويجري تزويد الإنترنت للمشتركين في اليمن بالتقنيات الموضحة في جدول 5، كما يوضح نسبة الاشتراكات لكل تقنية (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2021)، وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية قد أدخلت خدمة الإنترنت اللاسلكي إلى المنازل بتقنية الجيل الرابع 4G في نهاية العام 2022م لعدد من المدن، وهي تمتاز بالسرعات العالية.

وتجدر الإشارة إلى خدمة الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) التي تقدمها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات عبر نقاط ساخنة في صنعاء وعدن، وكذلك خدمة الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) التي نفذها القطاع التجاري كمشاريع بسيطة في المدن والأحياء والقرى وذلك لدورها الكبير في توسيع نطاق تغطية الإنترنت على مستوى اليمن.

ب‌- تجهيزات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات:

تقدم المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية عددًا من الخدمات منها (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2021):

  • خدمات الاتصالات الهاتفية السلكية (الهاتف الثابت).
  • خدمات الاتصالات الهاتفية الريفية اللاسلكية.
  • خدمات الاتصالات الدولية (عن طريق شركة تيليمن للاتصالات الدولية).
  • خدمات الهاتف النقال بتقنية CDMA عن طريق شركة يمن موبايل للهاتف النقال.
  • خدمات الإنترنت بتقنياتها المختلفة (البوابة اليمنية للإنترنت "يمن نت").
  • خدمات الربط الشبكي وتراسل المعطيات.
  • خدمات التدريب والتأهيل التخصصي، ونشر الوعي التكنولوجي (المعهد العام للاتصالات).
  • خدمات ومشاريع نظم وتقنية المعلومات.

كما تقدم الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تليمن" عددًا من الخدمات، مثل:

  • الاتصال الدولي المباشر.
  • الإنترنت عبر الأقمار الصناعية (ياه كليك).
  • الاتصال عبر الأقمار الصناعية (الثريا).
  • خدمة القنوات الخاصة المؤجرة دوليًا IPLC.
  • خطوط الإنترنت المخصصة IDLA.
  • تبادل البيانات عبر الأقمار الصناعية VSAT.
  • خدمات البريد الإلكتروني والويب (واي نت).

حلول السعة الدولية عقود الاستخدام المطلق (IRU)، السعات المؤجرة (Leased Capacity)، خدمات الطواري أو الاسترجاع، خدمات الاتصال البيني.

وبينما تقدم تليمن والمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية عددًا من خدمات الاستضافة وخدمات الإنترنت الأخرى، إلا أن النقلة النوعية تمثلت في إنشاء شركة "سحبكم" الحكومية نهاية العام 2022م، والتابعة لتليمن، حيث تعتبر المشغل الوطني لخدمات الحوسبة السحابية في اليمن، وعلى الرغم من حداثة سحبكم إلا أنها حققت تطورًا ملحوظًا في مدة وجيزة، حيث تقدم العديد من الخدمات السحابية وخدمات الاستضافة وتأجير السيرفرات والبريد الإلكتروني وتسجيل أسماء النطاق DNS وخدمة الاشتراك في نظام تخطيط موارد المؤسسات المفتوح المصدرERP Odoo، وغيرها من الخدمات. وبمراجعة أسعار الخدمات المقدمة من سحبكم، فيلاحظ الارتفاع الكبير في أسعار اشتراك الخدمات عند مقارنتها بالعديد من الشركات العالمية العاملة في هذا المجال التي لها خبرات كبيرة وخدمات واسعة، ويمكن إرجاع ذلك إلى انعدام المنافسة الحكومية مع القطاع التجاري في هذا المجال.

ورافق التطور البطيء في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تطورًا بطيئًا - أيضًا - في الخدمات المالية الإلكترونية للمؤسسات المالية، حيث إنَّ هناك تخلف كبير في هذا المجال مقارنة بالخدمات المتوفرة إقليميًا ودوليًا. ومن أهم الإنجازات على الصعيد الوطني في هذا المجال الخدمات الآتية:

  1. الريال الإلكتروني من الهيئة العامة للبريد: جرى إطلاق الخدمة عام 2002م، وتطورت لتشمل سداد خدمات الاتصالات والإنترنت الثابت والمحمول، سداد فواتير المياه والكهرباء، سداد رسوم التعليم الجامعي، سداد رسوم كليات المجتمع والتعليم الفني، سداد رسوم هيئة التعليم العالي، كشف حساب، إصدار حواله، استلام حواله، التحويل من حساب إلى حساب (فشل المشروع ولم يحقق أهدافه).
  2. ريال موبايل من يمن موبايل: خدمة تحصيلات إلكترونية وشحن فوري، يستطيع المشترك سداد ودفع رسوم الخدمات والباقات لأرقام يمن موبايل، وسداد فواتير خدمات الاتصالات والخدمات العامة (الهاتف الثابت، الإنترنت، الكهرباء، المياه...) وبالإمكان تحويل الرصيد الإلكتروني لمشترك آخر لاستخدامه في سداد الفواتير (فشل المشـروع ولم يحقق أهدافه).
  3. محفظة موبايل موني: خدمة إلكترونية للمعاملات المالية بدون ضرورة فتح حساب بنكي، وإنما عبر رقم الجوال الخاص بك، وتشمل خدمات تحويل الأموال، التحويل من المحفظة إلى الحسابات المصرفية، التحويل من المحفظة إلى المحافظ الإلكترونية الأخرى، خدمة السحب /الإيداع النقدي، خدمة السحب النقدي بدون بطاقة، سداد المشتريات والدفع الإلكتروني، سداد قيمة الفواتير، سداد التعليم، سداد الضـرائب، سداد المخالفات المرورية، سداد امر تحصيل حكومي، استلام الرواتب والمدفوعات الجماعية (محدودة الاستخدام وتتبع كاك بنك).