تجربة المملكة الأردنية الهاشمية في الإصلاح الإداري
مرت عملية الإصلاح الإداري في الأردن بمراحل متعددة من المجالات المتلاحقة لتحسين أداء الأجهزة الحكومية وتفعيل دورها ورفع فاعليتها، وتناولت هذه المجالات مختلف محاور الإصلاح، مثل القوى البشـرية وأساليب العمل والتـشريعات، وفيما يلي استعراض لمحاولات الإصلاح الإداري في الإدارة العامة في الأردن.
بدأت محاولات الإصلاح الإداري في الأردن في عقد الستينيات، وتركزت البدايات الأولى على إعداد مجموعة من الدراسات تركزت حول إخراج نظام خدمة مدنية جديد، وتنظيم إجراءات العمل وإنشاء بعض الأجهزة، مثل ديوان الموظفين، ثم معهد الإدارة العامة، إضافة إلى هذه الدراسات كان للأردن محاولات عديدة في العقود الأخيرة من القرن الماضي لتقوية ودعم الجهاز الإداري ومعالجة التشوهات وتحديث جهاز الإدارة العامة؛ لزيادة قدرته على مواجهة المستجدات والتحديات التي غدت ظاهرة عالمية في نهاية القرن الماضي؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية، وعليه تشكلت عدة لجان لتطوير الإدارة الأردنية التي يمكن توضيحها في الشكل:
انطلقت هذه اللجان باعتبار أن التطوير وظيفة حيوية مستمرة يجب أن تبادر إليها أجهزة الإدارة العامة وتدعمها؛ لكون الإدارة ذات الكفاءة هي الإدارة التي تضع لنفسها محطات مراجعة وإعادة النظر في مسيرتها، وكذلك توفير التنسيق والتكامل بين جميع نشاطات التطوير الإداري.
تأسس مجلس الخدمة المدنية منذ منتصف التسعينيات برئاسة رئيس الوزراء، ويلاحظ أن تشكيلة المجلس تضم المسؤولين في الأجهزة الحكومية المعينة بالإصلاح والتطوير الإداري، إضافة إلى مشاركة القطاعات الأهلية، ويتولى المجلس وضع السياسة العامة للخدمــة المدنية، وتوجيه الجهود المبذولة في تنفيذها لتطوير الجهاز الإداري في المملكة ولتأمين درجة عالية من الفاعلية والكفاية لذلك الجهاز، والمشاركة في خطط التنمية الشاملة لضمان الاستخدام الأمثل للقوي البشـرية والموارد المتاحة في تنفيذ تلك الخطط، ووضع أسس ومعايير تقييم الأداء المؤسسي.
نتيجة لتنامي الحاجة إلى الإصلاح والتطوير الإداري وازدياد مظاهر القصور الإداري وبروز الحاجة الضـرورية لمواجهة التحديات والمستجدات الإدارية أنشئت وزارة التنمية الإدارية بموجب نظام رقم (61) لسنة 1994م، استمرت حتـى منتصف عام 1999م، وقدمت العديد من الإنجازات في مجال التنظيـم الإداري و التـشريعات المتعلقـة بالخدمة المدنية والرواتب والأجور، وتبسيط الإجراءات والندوات وورش العمل لمكافحة الفساد الإداري وغيرها، حتى ارتأت الحكومة في منتصف عام 1999م إلغاء الوزارة، ثم ما لبثت الحكومة التي تلتها أن أحدثت منصــب وزير للتنمية الإداريـة في منتصف عام 2000م، وأوكلت إليه الإشراف على برامج الإصلاح والتنمية الإدارية، وكلفته بإعادة هيكلة الأجهزة المعنية بـالإصلاح الإداري والخدمة المدنية، وإعادة إنشاء وزارة التنمية الإدارية.
أنشـئ ديوان الخدمــة المدنيـة بموجـب القانـون رقم (11) لسنة 1955م باسم ديوان الموظفين، ثم ما لبث أن تغير هذا الاسم واستبدل باسم ديوان الخدمـة المدنيـة عام 1988م، ويتابع الديوان تطبيق الدوائر أحكام نظام الخدمة المدنية، وكذلك متابعة سائر تشـريعات الخدمة المدنية بصورة سليمة تتفق مع متطلبات التطوير الإداري والمستجدات الحديثة، وللديوان في سبيل ذلك.
تأسس معهد الإدارة العامة بوصفه مؤسسة عامة مستقلة ماليًا وإداريًا عام 1968م، ويمارس المعهد نشاطاته من تدريب ودراسات واستشارات إدارية بالتعاون والتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية والجامعات الأردنية والوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية والخاصة.
مرت عملية التطوير الإداري في الأردن بمراحل متعددة من المجالات المتلاحقة؛ لتحسين أداء الأجهزة الحكومية وتفعيل دورها ورفع فاعليتها، وتناولت هذه المجالات مُختلف محاور الإصلاح مثل[1]:
ويستهدف (مشـروع تطوير الإدارة العامة في الأردن) زيادة كفاءة وفاعلية الإدارة الحكومية وفق أربعة أبعاد، هي[2]:
بدأت عملية إصلاح نظام الخدمة المدنية بتشكيل اللجنة الملكية للتطوير الإداري خلال عام 1984م، ثم أعيد تشكيلها خلال عام 1985م، حيث وضعت المرتكزات الأساسية لبرنامج الإصلاح الإداري باعتباره متطلبًا أساسيًا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد توجت أعمالها بإصدار نظام حديث للخدمة المدنية عام 1988م.
بالرغم من أن عملية الإصلاح الإداري في الخدمة المدنية تعد عملية مستمرة إلا أن الحكومة تخطط لتنفيذ جانبًا مهمًا من إصلاحات الخدمة المدنية في الأفق الزمني لرؤية الأردن 2025، وتمثلت أبرز عناصر إصلاحات الخدمة المدنية في الأردن في زيادة مستويات المساءلة والكفاءة في تقديم الخدمات العامة التي تصدرت أهم عناصر الإصلاح في المملكة، ثم تعزيز قدرات العاملين، وإصلاح نظام التوظيف بما يضمن الجدارة والاستحقاق والتنافسية، وترشيد احتواء تكلفة بند الأجور[3].
البرنامج | الآليـــــــــــــــــات | الإنجازات |
دعم عملية رسم السياسات العامة وصنع القرار | مأسسة دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي إعادة هيكلة الوحدة التنفيذ التابعة لرئيس الوزراء استحداث دائرة السياسات الاستراتيجية لمساعدة مجلس الوزراء والوزراء والمؤسسات الحكومية تعزيز قدرات الأمانة العامة لمجلس الوزراء وإعداد دليل عمل ضمن أفضل الممارسات فيما يخص المداولات واجتماعات مجلس الوزراء |
تنظيم الإجراءات الإدارية في رئاسة الوزراء وتبسيطها، وتعزيز سكرتارية المجلس إنشاء نظام متابعة الأداء المؤسسي إطلاق منتدى القيادات الحكومية تعزيز النهج التشاركي في التخطيط الاستراتيجي للدوائر نشر ممارسات الحوكمة والشفافية |
تطوير الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات | إنشاء إدارة متابعة الأداء الحكومي في رئاسة الوزراء إعداد وثيقة الاجندة الوطنية إصدار نظام ودليل تحسين الخدمات الحكومية إعداد البرنامج التنفيذي للأجندة الوطنية إعداد مؤشرات الأداء الرئيسة للأجندة الوطنية إعداد النظام الإلكترونية الوطني للمتابعة وتقييم الأداء الحكومي |
بناء القدرات المؤسسية والوظيفية لوحدات الـ it التقييم الميداني لعمليات تقديم الخدمة الربط الإلكتروني بين أنظمة الدوائر إنشاء مركز اتصال وطني إعادة هندسة الخدمات الإلكترونية نقل قواعد بيانات جهات الحكومية على الحوسبة السحابية تطوير النظام المركزي لإدارة الشكاوى الحكومية تطوير مرصد تفاعلي لتقييم الخدمات وقياس الرضى حصر وتبويب الخدمات الحكومية ووضع معايير لتقديمها |
إعادة هيكلة المؤسسات | إنشاء عدد من اللجان القطاعية الدائمة في مجلس الوزراء إنشاء وحدات السياسات والتطوير المؤسسي في عدد من الوزارات إنشاء ديوان المظالم إعادة هيكلة مجموعة من الدوائر |
إعداد دليل تنظيمي وإجرائي للوحدات التنظيمية استكمال مأسسة عمليات إعادة الهيكلة وتطويرها تطوير الهياكل التنظيمية للدوائر الحكومية إعادة هيكلة قطاعات الحكومة بحسب الأولويات تنفيذ عمليات الإلغاء والدمج وتغيير الارتباط بحسب بنود مشروع إعادة مؤسسات ودوائر الحكومة |
سياسات إدارة الموارد البشرية وتنميتها | إنشاء إدارة معنية بسياسات الموارد البشرية في وزارة تطوير القطاع العام إصدار مدونة قواعد السلوك الوظيفي إصدار نظام جديد للخدمة المدنية إصدار تعليمات تخطيط الموارد البشرية إصدار تعليمات منح الحوافز والمكافآت إصدار التعليمات الموحدة لاستخدام العاملين بالأجور اليومية |
نظام معلومات للموارد البشرية بناء منظومة تقييم أداء في القطاع العام الموائمة بين الموارد البشرية والادوار والمهام المؤسسية إعداد بطاقات الوصف الوظيفي تعزيز قدرات وحدات الموارد البشرية بالوزارات والمؤسسات بناء القدرات القيادية تفعيل مدونة السلوك الوظيفي مراجعة وتحديث نظام الخدمة |
سياسات إدارة وتنمية الموارد المالية | العمل بنظام الموازنة الموجهة بالأهداف حوسبة النشاطات المالية كافة بهدف تبسيط الإجراءات وتحسين الخدمات |
تطبيق نظام إعداد الموازنة على نمط التخطيط المالي الاستراتيجي الأردن أول دولة تعد حساباتها النهاية بما يتفق مع متطلبات معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام تعزيز دور وحدات الرقابة الداخلية تعزيز دور هيئات التنظيم والرقابة في قطاع المال والأعمال تعزيز دور المؤسسات الرقابية |
المصدر: من إعداد الباحث بالاستفادة من: المهتدي، سوسن: برامج الإصلاح المالي والإداري تجربة عملية، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، 2016، ص197.
شهد الأردن منذ أكثر من نصف قرن من الزمن جهودًا حثيثة في مجال الإصلاح الإداري للمؤسسات والهيئات الحكومية، ويمكن تحديد بعض الدروس للاستفادة من نجاح التجربة، وهي على النحو الآتي: